تساءلنا عن أفضل فكرة أثرت في تاريخ البشرية لكن في الحقيقة لسنا نحن فقط من تساءلنا هذا السؤال، بل سألته أيضاً مجلة النيويورك تايمز في نهاية الألفية الماضية لمجموعة من العلماء والمفكرين وغيرهم من شخصيات المجتمع البارزة، حين وجهت لكل منهم نفس السؤال: “ما هي الفكرة التي أثرت في تاريخ البشرية خلال الألف عام الماضية؟” وتحدث كل شخص منهم في مقال منفصل عن الفكرة التي يرى أنها الأكثر تأثيراً في تاريخ البشرية، ولكن من بين كل الذين أجابوا على هذا السؤال لفت انتباهي كثيراً الإجابة التي أجابها الروائي ريتشارد باورز الذي قال (بتصرف): “حين نبحث عن الأفكار التي غيرت تاريخ البشرية سنجد أنفسنا ربما أمام مفاهيم مثل الجامعات والتعليم أو الديمقراطية أو المنظومات السياسية والاجتماعية، أو حتى قوانين النسبية لأينشتاين أو قوانين نيوتن، لكن هذا التفكير ناتج عن قصر نظر من جانبنا، لأن علينا من باب أولى أن ننظر للفكرة التي قادت لكل هذه الأفكار، وهي فكرة المنهج العلمي التجريبي الذي وضعه رجل اسمه أبو علي الحسن بن الهيثم، الذي ولد سنة 965 في مدينة البصرة التي تقع اليوم في العراق!!” وما يقصده باورز بالمنهج العلمي التجريبي هو فكرة البحث القائمة على التجربة والملاحظة والاستقراء، وهو عكس ما كانت تتبعه أغلب الحضارات السابقة التي كانت تكتفي بالنظريات دون تجربتها. انتقل منهج ابن الهيثم إلى أوروبا وبدأ علماؤها حينها بالسير على خطى ابن الهيثم ليتوصل نيوتن إلى قوانينه التي بنى عليها غيره وهكذا، حتى وصلت الحضارة الإنسانية لما وصلت إليه اليوم من تطور. ولذا يرى باورز أن الفضل في كل ما نحن فيه اليوم والفضل لكل ما سنصبح عليه في المستقبل، يعود لهذا الرجل الذي ولد منذ أكثر من 1,000 عام في بلاد الرافدين! لا أريد التعليق هنا على كلماته ولا أريد الاستفاضة في مقاله، لكن وكما بدأنا حديثنا بسؤال سأختمه بسؤال آخر: هل تعلمون من هو أبو علي الحسن بن الهيثم؟!!